هناك ..
أغمض عيناى فى محاولة عبثية للسكون ..وأخذ نفس عميق يداعب أعماقى المتعطشة للهدوء والراحة ..أمسك يداى الباردة وأحركهما سويا فى محاولة بائسة لتحرى القليل من الدفء .
أسند رأسى للوراء واحرك شفتاى للاعلى فى محاولة لرسم ابتسامة صفراء أصبحت اجيدها الآن ..أهمس لنفسى "انا كويسة "وتعلو ابتسامتى الصفراء وأبدأ فى الانزعاج لانى غير قادرة على طمانة نفسى ..
أتساءل كثيرا عن حتمية القدر ؟
وعن لحظات السعادة التى كنت أتوهم وجودها والآن لم تعد موجودة بالفعل ..ولم أنا منزعجة الى هذا الحد فى كونى أصبحت متمرسة فى خسارة الاشياء من حولى ..ولم يعد ذلك الاحساس بفقدانهم الواسع موجودا ..أصبحت أتعامل مع نفسى بحرفية ..وان سقط بعض الاشخاص من يومى ..لم أعد اهتم ..لم اعد ابكى كالسابق ..
حتما هو التعود ..حتما هو الخذلان ..
هذه اكثر الاجابات راحة على أسئلتى التى لا تنتهى ..وان أغلق الباب بقوة امام نفس تعشق التعذيب ..وان تفترش كل ذكرياتى أمامى ..ترميهم على فراش الحنين ..توهمنى بأنى قادرة على النوم بجوارهم ..علّى اجد بعض الدفء المزعوم من حكايات الماضى ..ومن عطرهم الذى ما زلت أتوهم اننى استنشقه فى الهواء حتى الآن ..
حرة انا ..بدونهم
منذ عامى 13 ..يوم أن وجهت لى الحياة اول صفعاتها ..عندما صرت أحمل لقبا جعلنى طفلة عجوزة ..طفلة شاب شعرها الاسود ..ومرضت بداء الفقد واليتم ..
عندما استيقظت يوما لاجد البيت بدون رجله ..واجدنى بدون أب ..وأجدنى بدون ظهر يحمينى من خيبات الزمن ..مات جزء منى
لم تعد ضحكتى ترتسم الا قوة واصرارا ..عندما بدات فى تلقى الطعنات من أقرب أشخاص لك فى الحياة ..تعلمت القسوة
تعلمت الكثير فى سن صغيرة ..لم أعد مثلهم ..لم تعد ترضينى كل الاشياء التى تسعد كل من هم فى سنى ..كانت الندبة دوما فى قلبى ..كان البرد يفتك بقلبى .وكان ظهرى ينحنى اكثر واكثر فى كل لحظة خذٌلت فيها ..وكل أمل ضاع من أمامى بعد أن اوشكت على الاحتفاظ به ..
صارت كل الاشياء مختلطة ..حتى ضحكتى تتخللها الدموع
صارت كل الناس عادية ..حتى لو كانوا يهمنى أمرهم
صارت كل الضربات المتلاحقة ..لا تكسرنى ولا تبنينى
هذه اول محاولات البوح عن ندبة قلبى الاولى وعن محاولاتى للاستمرار فى هذه الحياة ومحاولاتى الفاشلة أو الناجحة فى التأقلم ..لا أعلم
سأكتب عنها لعلى أجد قليل من الراحة هنا ..وليس هناك